محمد الدرة بداية الانتفاضة
صورةٌ هزَّت العالم ، حين أطلق المحتلون النار على الطفل محمد الدرة في حضن والده جمال ، دون ذنب اقترفها سوى أنهما فلسطينيان .
كان الأب يشير للجنود بالتوقف عن إطلاق الرصاص رحمة بالطفل ، والناس يصرخون : مات الولد ، ولكن جنود الاحتلال مردوا على القتل ، لايفرقون بين صغير وكبير ، مسلح وغير مسلح .
الدرة
يومٌ يظلُّ بسِفرِ الدَّهر عنوانا
تخطُّه بدماءِ القدس قتلانا
يومٌ عبوسٌ كأن الموتَ ألبسَهُ
ثوبَ التتار وأصلاهُ مُصلانا
يومٌ مضى ، مُضرِماً منَّا الكبود فلا
نسطيعُ دفعاً له ، أو عنه سُلوانا
وكيف نسلوا وملءُ العين منظره
طفلٌ توشَّح صبح اليوم أكفانا
. . .
ياصورةً بثَّها التلفازُ مفجعةً
تُثيرُ في خلد المحزون أشجانا
لوأنَّ صُمَّ جبالِ الطُّور تُبصِرُهُ
لانت ْ ولكنَّ قلبَ الوغدِ مالانا
أبٌ جريحٌ .. وطفلٌ خائفٌ .. وردىً
يُزخُّ من ثَكنَات الحقد نيرانا
لايستطيعان دفعْاً .. والرصاصُ إذا
راما الهروبَ ترامى فوق ما كانا
والوالدُ القلِقُ المسكينُ يسألُهُم
عطفاً ، فكانوا عن الإشفاق عُميانا
والطفلُ يصرُخُ .. لكن لا مُجيبَ له
إلا أزيز الردى .. ظلماً وطغيانا
أبوه يُخفيهِ عنهم خلفهُ جَزعَاً
عليه ، يفديه أرواحًا وأبدانا
يبدو الذُّهولُ على عينيه مرتسماً
والذعرُ أعظمُ ما قاسى وما عانى
. . .
مات الصغيرُ .. كما ماتت كرامتنا
وأرضنا .. وبقايا من بقايانا
. . .
. . .
طفلٌ له مثلُ أطفالِ الورى حلُمٌ
لوكان يُغرسُ أحيا الأرضَ بستانا
ولوسقته ديار المسلمين .. نما
بين القفار أزاهيراً وريحانا
. . .
. . .
لله ! ما أمَّلتْ أُمٌّ تشاطرُهُ
في السعْدِ سَعْداً وفي الأحزانِ أحزانا
وكيفَ تلقاهُ محمولاً وسيلُ دمٍ
يصب منه على الأثواب وديانا
قد كان بالأمس ملءَ البيتِ يعمُرُهُ
لولاهُ كان دهاليزاً وجُدرانا
في كلِّ شبرٍ له فيهِ إذا نظرتْ
ذِكرى تؤجِّجُ في الأعماق بركانا
قد كان بُستانها تأوي إليه إذا
كلَّتْ فتلقاه أفنانا وغُدرانا
. . .
واليوم تبكيه دمعاً ليسَ يعرفه
من كان يحمل للإسلام نُكرانا
ولايُحسُّ به غِرٌّ يُراودهُ
حُلمُ السلام على أعتابِ من خانا
قومٌ لهم في سبيلِ الشرِّ سابقةٌ
وكان تاريخُهُم غدراً وعُدوانا
كم حَرَّفوا كتباً وقتلوا رُسُلاً
وأفسدوا الأرض إسراراً وإعلانا
تاريخُهُم عفنٌ ، ما فيه من شَرَفٍ
قاسى الأمرَّ بهم موسى بن عمرانا
قومٌ على عَتبِ التاريخِ تلفظهم
أبوابه .. فغدوا في الكون غربانا
لها نعيقٌ بإعلامٍ يضللنا
يبث من خبثه جهراً خزايانا
والغرقديون في أعقابهم زمر
ينافحون زُرافاتٍ ووحدانا
يُهمِّشونَ قضايانا بزُخرُفةٍ
عن السلام لننساها قضايانا
. . .
هيهاتَ ، من يعشق البيت الحرام يجدْ
في قلبه للقاء القدس تحنانا
هيهات ، من يقرأ القرآن تُبدِ له
حروفُهُ أنَّ في صهيون أضغانا
قد أخبر اللهُ عنهم أنهم بشَرٌ
لا يرتضون سوى الكُفران أديانا
وأنهم حَسَداً من عندِ أنفُسِهِم
ودَّوا لو ارتدَّ أهل الدين كفرانا
وأنهم ليس ترضيهم حقيقتنا
ولو أحلنا تراب الأرض عقيانا
وأنهم جبناء الأرض ما ابتدروا
للحرب إلا وكان الحربُ خسرانا
ما ذلنا اليوم منهم بأسُ ألويةٍ
لكننا قد أذلتنا خطايانا
. . .
يا أمَّةَ الحقِ ، آن الوعدُ ، فانتفضي
يكفيك من هدأة الفرسان ما كانا
آن الأوانُ ، وحانت منكِ ملحمةٌ
تعيدُ مسجدنا الأقصى ومسرانا
والوعدُ حقٌّ ، ووعدُ الحق قد ظهرتْ
آياتُهُ ، فإلى الأقصى سرايانا
قد أخبرَ اللهُ أنَّ النصرَ منعقدٌ
وأنَّ جندَ بني صهيون أسرانا
مُحمَّد بن جمالِ الدُّرةِ انسكبتْ
لكَ المشاعرُ حرَّى من حنايانا
وهبَّ ضوعُكَ من روضِ الجهاد فما
زال القصيدُ يسحُّ الدمعَ هتانا
وليس للشعرِ إن أنشدتُ من أَلَقٍ
إن لم ينَمِّ أحاسيساً ووجدانا
إنْ أنجبتْ أُمَّةَ الإسلامِ خالدَها
ففي البقيَّةِ أُسْدٌ تُصنعُ الآنا
عبد العزيز الجاسر
18 / 7 / 1421 هـ
لا فض فوك
ردحذف